الروعة في كل مكان
-18-
فنادق النمل
لو أقدم كائن حي على مدّ يد العون لكائن حي آخر كأن يوفر له الوسط الملائم للعيش ويلبي احتياجاته المختلفة، فإن مثل هذا التعاون لا يمكن أبداً أن يكون نتيجة المصادفة. فالتّعايش الموجود بين الكائنات الحية المختلفة، والتعاون المتبادل فيما بينها يعكسان كونها وجدت بالخلق من قبل عقل مدبر. فهذه الكائنات الحية خلقها الله البارئ المصور ومنحها هذه الصفات التي بموجبها تتعاون وتتكافل بعضها مع بعض. ومن أبسط الأمثلة على هذا التكافل بين الأحياء هو التكافل الموجود بين النباتات و النمل.
تحتوي بعض النباتات على تجاويف خاصة تدعى علمياً بـ “ دوماتيا” (كما يرى في الصفحة المقابلة، الشكل الصغير)، والوظيفة الوحيدة لهذه التجاويف أنها تُعَدُّ مسكناً ملائماً لإنشاء مستعمرات النحل. وتحتوي هذه النباتات على فتحات أو أغشية رقيقة يستطيع من خلالها النمل أن يعبر إلى الشجرة أو يرجع منها. وتحتوي التجاويف بدورها على ما يجمعه النمل من المواد الغذائية التي تكونها النبتة نفسها لتتغذّى بها. وهذه المواد الغذائية تنتج خصوصاً لتغذية النمل، ولم يثبت إلى الآن أية فائدة للمواد الغذائية المذكورة بالنسبة إلى النبتة. 10
وباختصار: فإنّ هذه التجاويف “دوماتيا” مخلوقة خصوصاً كي تؤوي بداخلها النمل. ونسبة الرطوبة ودرجة الحرارة داخل هذه التجاويف توفر وسطاً ملائماً لمعيشة النمل. و يمكن تشبيه هذه التجاويف التي يجد فيها النمل كل وسائل الراحة بالفنادق من الدرجة الممتازة التي توفر كل وسائل الراحة للزبائن.
وهناك مثال آخر على التكافل بين الأحياء وهو الموجود بين أحد أنواع النمل المدعو “فيليدريس” و النبات المدعو “ديشيديا ميجور”، فهذان الكائنان الحيان يشتركان طوال حياتهما في إنتاج مواد كيميائية مشتركة. وهذا النبات عديم الجذور، ولهذا السبب فإنه يتسلق و يلتف حول باقي النباتات وله أسلوب فريد من نوعه لتوفير أكبر كمية ممكنة من الكربون والنتروجين.
فالنمل المذكور له مخازن داخل هذا النبات يقوم باستخدامها لرعاية صغاره وخزن الفضلات العضوية (كالحشرات الميتة أو أجزاء الحشرات...). وتدعى هذه المخازن بـ “ورقة النمل”، ويقوم النبات باستخدام هذه الفضلات كمصدر للنتروجين.
من جهة أخرى تُعَدُّ التجاويف الداخلية لهذه الأوراق مصدراً لثاني أكسيد الكربون الذي يطلقه النمل، و بهذه الطريقة يتم التقليل من طرح الماء عبر المسامات الموجودة . 11
وعلى الرغم من وجود هذا النبات في مناطق استوائية إلا أنه لا يستطيع امتصاص الماء في التربة لانعدام جذوره، لذا فإن النّمل يوفر للنّبات عنصرين حياتيين مهمين مقابل أن يعيش بداخله.
ومن المستحيل أن تكون المصادفة كما في المثالين السابقين سبباً في اتخاذ النبات شكلاً معيناً ملائماً لمعيشة النمل أو إنتاجه مواد غذائية خاصة بتغذية النمل، وما هذا التكافل بين النمل والنبات سوى دليل على التوازنات الدقيقة التي تحكم الطبيعة والتي وضع قواعدها خالق واحد لهذا الوجود، وهو الله جل جلاله.
منــــــــــقول
-18-
فنادق النمل
لو أقدم كائن حي على مدّ يد العون لكائن حي آخر كأن يوفر له الوسط الملائم للعيش ويلبي احتياجاته المختلفة، فإن مثل هذا التعاون لا يمكن أبداً أن يكون نتيجة المصادفة. فالتّعايش الموجود بين الكائنات الحية المختلفة، والتعاون المتبادل فيما بينها يعكسان كونها وجدت بالخلق من قبل عقل مدبر. فهذه الكائنات الحية خلقها الله البارئ المصور ومنحها هذه الصفات التي بموجبها تتعاون وتتكافل بعضها مع بعض. ومن أبسط الأمثلة على هذا التكافل بين الأحياء هو التكافل الموجود بين النباتات و النمل.
تحتوي بعض النباتات على تجاويف خاصة تدعى علمياً بـ “ دوماتيا” (كما يرى في الصفحة المقابلة، الشكل الصغير)، والوظيفة الوحيدة لهذه التجاويف أنها تُعَدُّ مسكناً ملائماً لإنشاء مستعمرات النحل. وتحتوي هذه النباتات على فتحات أو أغشية رقيقة يستطيع من خلالها النمل أن يعبر إلى الشجرة أو يرجع منها. وتحتوي التجاويف بدورها على ما يجمعه النمل من المواد الغذائية التي تكونها النبتة نفسها لتتغذّى بها. وهذه المواد الغذائية تنتج خصوصاً لتغذية النمل، ولم يثبت إلى الآن أية فائدة للمواد الغذائية المذكورة بالنسبة إلى النبتة. 10
وباختصار: فإنّ هذه التجاويف “دوماتيا” مخلوقة خصوصاً كي تؤوي بداخلها النمل. ونسبة الرطوبة ودرجة الحرارة داخل هذه التجاويف توفر وسطاً ملائماً لمعيشة النمل. و يمكن تشبيه هذه التجاويف التي يجد فيها النمل كل وسائل الراحة بالفنادق من الدرجة الممتازة التي توفر كل وسائل الراحة للزبائن.
وهناك مثال آخر على التكافل بين الأحياء وهو الموجود بين أحد أنواع النمل المدعو “فيليدريس” و النبات المدعو “ديشيديا ميجور”، فهذان الكائنان الحيان يشتركان طوال حياتهما في إنتاج مواد كيميائية مشتركة. وهذا النبات عديم الجذور، ولهذا السبب فإنه يتسلق و يلتف حول باقي النباتات وله أسلوب فريد من نوعه لتوفير أكبر كمية ممكنة من الكربون والنتروجين.
فالنمل المذكور له مخازن داخل هذا النبات يقوم باستخدامها لرعاية صغاره وخزن الفضلات العضوية (كالحشرات الميتة أو أجزاء الحشرات...). وتدعى هذه المخازن بـ “ورقة النمل”، ويقوم النبات باستخدام هذه الفضلات كمصدر للنتروجين.
من جهة أخرى تُعَدُّ التجاويف الداخلية لهذه الأوراق مصدراً لثاني أكسيد الكربون الذي يطلقه النمل، و بهذه الطريقة يتم التقليل من طرح الماء عبر المسامات الموجودة . 11
وعلى الرغم من وجود هذا النبات في مناطق استوائية إلا أنه لا يستطيع امتصاص الماء في التربة لانعدام جذوره، لذا فإن النّمل يوفر للنّبات عنصرين حياتيين مهمين مقابل أن يعيش بداخله.
ومن المستحيل أن تكون المصادفة كما في المثالين السابقين سبباً في اتخاذ النبات شكلاً معيناً ملائماً لمعيشة النمل أو إنتاجه مواد غذائية خاصة بتغذية النمل، وما هذا التكافل بين النمل والنبات سوى دليل على التوازنات الدقيقة التي تحكم الطبيعة والتي وضع قواعدها خالق واحد لهذا الوجود، وهو الله جل جلاله.
منــــــــــقول